إختيار وتطوير موضوع رسالة الدكتوراه الخاصة بك
يوجد سببان وراء إحتياج الشخص في الحصول على درجة الدكتوراه. إما بسبب الشغف للبحث وتطوير الفهم والمعرفة من ناحية، أو من ناحية أخرى يمكن أن يكون بسبب الرغبة في التحديات الفكرية الموجهة من قبل خبراء العالم المختصيين بمجال دراستك. فقد يكون هناك بعض المواضيع أو النظريات أو القضايا التي تثير فضولك. على أى حال، هذان السببان يتواجدان لدى أغلب الأشخاص. في بعض الحالات، قد ينشغل المُرشّح للدكتوراة في أحد البحوث الأكاديمية (ربما بصفته باحثاً مساعداً في أحد المشاريع) أو أن يكون المرُشّح قد بدأ بالفعل بالعمل الجاد في ذاك الموضوع. في مثل تلك الحالات، يكون اختيار احد المواضيع هو أمر ضروري، مع وجود بعض التعقيدات اللاحقة المتعلقة باستمرارية هذا الموضوع أو إيجاد الإطار النظري والمنهجي الملائم له.
أياً كانت نقطة البداية، فالصعوبة الأولى التي يواجهها أغلب الناس هي الحرص على أن المشروع يمكنه أن يبقيني متحفزاً وشغوفاً للعمل به على مدار السنوات الثلاث أو الأربع القادمة. والإجابة البسيطة على هذا الأمر هي أنه من غير الممكن للمشروع أن يفعل هذا، فهناك أياماً أو أسابيعاً يجد فيها طالب الدكتوراه نفسه في حالة شك عما إذا قد كان إختار الموضوع الصحيح. وهذا أمر طبيعي وجزء أساسي من تلك العملية. ولذا، فبينما يجب أن يكون الموضوع المُختار قد تم اختياره بكامل إرادة الطالب عوضاً عن رغبة المشرفين عليه، فيوجد أيضاً العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على قدرتك على إكمال رسالة الدكتوراه.
العامل الأول الذي يجب وضعه في الاعتبار عند اختيار أحد الموضوعات هو مدى ملائمة هذا الموضوع ليكون رسالة للدكتوراة. فبشكل عام يبدأ أغلب طلاب الدكتوراه رسالاتهم بموضوعات طموحة للغاية ويجدون إنه من الصعب بعد ذلك ايجاد السؤال الرئيسي في هذا الموضوع. يكمن مفتاح هذا الأمر في ضمان أن الموضوع الذي تم اختياره سيُكوّن سؤالاً بحثياً يقبل الادارة. هذا بالإضافة إلي ماسيقوله المشرفين المتعاقبين والأكاديميين الناجحين إلي طالب الدكتوراه المسكين. ولكن على الرغم من كل هذا، كيف تستطيع أن تفعل هذا؟
المفتاح هو التحلي بالصبر والتواضع والمرونة. فالصبر ضروري لفهم أن سؤالك البحثي من المحتمل بل ومن الأكيد أن يتغير خلال المراحل الأولى للبحث. فهذا السؤال ليس نصاً مُقدساً ( إلا إذا كان هذا السؤال موضوعاً من قبل الجهة الممولة للبحث)، فالجمال في البحث يكمن في قدرته على تغيير الأشياء ومنها بالطبع العمليات البحثية الخاصة بك.
هل تريد الإطلاع على كيفية تحرير وصياغة الرسالات البحثية من قبل خبراءنا ؟ إضغط هنا!
التواضع ضروري لإبقاء الموضوع المُختار من قبلك في الحدود التي تستطيع السيطرة عليها، حتى وإن عني هذا أنك لن تكون وفياً لأهدافك التي سبق وحددتها. في حقيقة الأمر إنك على الأرجح لن تتمكن من الالتزام بتحقيق تلك الأهداف، وهذا ليس شيئاً سيئاً بطبيعة الحال. والتواضع ضروري أيضاً ليساعدك على إدراك إنه مهما بلغت حدود معرفتك عن الموضوع المُختار، فإنك في الحقيقة لاتعرف شيئاً على الإطلاق. وهذا هو ماسيساعدك على النمو الذهني وقبول التحدي الفكري. ماهو الهدف من مناقشة إحدى الرسائل العملية إذا كنت تعرف نتيجتها مُسبقاً؟
تعد المرونة عاملاً مُفيداً وضرورياً أثناء المشروع البحثي، وتكون أكثر إفادة وضرورية أثناء المشاريع الطويلة كالدكتوراه. ستواجه العديد من العقبات أثناء التحضير للرسالة ومنها ما سيكون غير قابلاً للحل ولذا يجب أن تتحلى بالمرونة في مواجهتها. من الممكن أن تكون قد خططت لاستخدام إطار عمل مبدأي معين ولكن قد تدرك بعد فترة إنه لن بلائم حالة الدراسة (أو الحالات)، وعندئذ يجب القيام بالتغيير سواء كان هذا التغيير للحالة أو لإطار العمل نفسه. من الممكن أن تكون قد أردت المقارنة بين حالتين أو أكثر ولكن تعوقك العوامل الزمنية عن القيام بهذا ( ففي نهاية الأمر كل مايهمك هو إنهاء رسالة الدكتوراه الخاصة بك) أو إنك تدرك أن مثل تلك المقارنة لن يكون لها أي نفع من الناحية النظرية ولذا يتعين عليك أن تغير تصميم البحث الأصلي. ولذا فالتحلي بالمرونة في مثل تلك الحالات لا يُعدّ ضعفاً ولكنه يعبر عن القوة الذهنية.
لن يتغير الموضوع الخاص بك وحسب، ولكنه سيسبب لك أيضاً نوعاً من الاضطراب. هذا أمر طبيعي. هذا الاضطراب هو الحالة التي تلي الانغماس في أحد المواضيع لفترة زمنية طويلة. كثيراً ما أتذكر بداية رسالة الدكتوراه والتحمس الذي كنت أشعر به لأخبر الجميع عن موضوع تلك الرسالة. وعندما وصلت إلي العام الثاني كنت أتجنب الحديث عن موضوع رسالتي في أي محادثة. كنت مضطرباً للغاية حتى أنني لم أستطع الاجابة على سؤال بسيط مثل” ما هو موضوع رسالة الدكتوراه الخاصة بك؟” كان من الجيد معرفة أن هناك العديد من طلاب الدكتوراه الآخرين الذين يمرون بنفس الموقف. وكانت هذه هي مرحلة إدراك إنني لم أصبح خبيراً بعد.
الفكرة هي الشروع في العمل وأن يكون لديك تقبُلاً لتطوير بحثك خلال العملية نفسها. حاول بشتى الطرق أن تكون مخلصاً لموضوع بحثك الأساسي والسؤال البحثي المتعلق به إذا كانا مُصممين بعناية وبشكل سليم. ولكن إحرص على قدرتك على اتخاذ رد الفعل اللازم إذا لم يكونا كذلك بدون أن تشعر إنك تخون فكرة بحثك الأساسية بأي شكل من الأشكال.
هل تريد الإطلاع على كيفية تحرير وصياغة الرسالات البحثية من قبل خبراءنا ؟ إضغط هنا!